أثناء عودتي للقاهرة من الإسكندرية وفي إحدى كافيهات الطريق, لفت نظري اسطوانة موسيقية لها طابع مصري جدا لفريق "الطنبورة" لصحبجية -و هو الاسم الذي كان يطلق قديما على عازفي الآلات الموسيقية-,و الطريف أن الفريق مكون من مغنيين و موسيقيين محترفين بجانب صيادين السمك و المراكبية.
تأسس الفريق منذ 17 عام بمدينة بورسعيد مدينة الصمود و البوابة المتوسطية لقناة السويس على يد زكريا إبراهيم الذي ظل متأثر بالصوت المثير لآلة السمسمية منذ أن سمعها في طفولته, وبعد عودته من التهجير وفي ظل الوضع السيئ للموسيقيين في بورسعيد قرر زكريا أن يكون فريق موسيقي يعزف على أوتار آلة السمسمية فتكون فريق جمع أعضائه ما بين ارتداء الجلابية المصرية والجينز والنظارات الشمسية و كابات "نايك" ليعزف على أوتار قلوب محبي الموسيقى المصرية الأصيلة.
و يعزف الفريق الموسيقى الفلكلورية المصرية المتميزة بأصالتها على الطبلة وآلة السمسمية الوترية الساحرة التي يعود استخدامها لعهد الفراعنة, و قد ارتبطت بها الكثير من الأساطير الفرعونية, وأله السمسمية تتميز بموسيقاها العذبة و الرقيقة و لاتزال مستخدمة في مدن القناة حتى يومنا هذا, منذ أن جاء بها الصحبجية لمدن القناة في عقد الثلاثينات من القرن الماضي.
و كان مالكو المقاهي في بورسعيد قديما يستخدمون عازفي السمسمية للترفيه على روادها. و جمعت آلة السمسمية ما بين موسيقى مدن القناة لتنتج الفلكلور المصري الرائع, و لتكون ما يجمع غناء مقاومي الاحتلال الإسرائيلي في العام 1976 لتذكرهم بموطنهم.
و مع مرور الوقت توسع الفريق وأصبح يضم الراقصين و الموسيقيين المعترف بهم من الدولة وأصحاب المهن المختلفة مثل عمال البناء و أبناء الصيادين,و مع بدء عروض الفريق في القاهرة استطاع زكريا إبراهيم تأمين الدعم للفريق من مؤسسة فورد التي تهتم بالمشاريع الثقافية في الشرق الأوسط, و في 1996 أدى الفريق أول حفلاته بباريس بمعهد العالم العربي و أصدر بعدها أول ألبوماته العالمية و منها حقق انتشاره على مستوى العالم.
منقول